بدأ أبرز ملعبان أولمبيان بالصين بالفعل في جذب مئات الزوار الراغبين في مشاهدتهما ليلا ، مما دفع شرطة العاصمة الصينية بكين إلى إرسال قوات إضافية للسيطرة على الحشود الكبيرة وتقسيم جسر للمشاة يقدم واحدا من أفضل الأماكن المتاحة لمشاهدة هذين الملعبين عن بعد.
ونجحت الإضاءة الغامرة في جعل اللونين الأحمر والأصفر يهيمنان على الهيكل المعدني فضي اللون للاستاد الأولمبي ببكين المعروف باسم "عش الطير" ، فيما تبرز الإضاءة الزرقاء المكثفة في مركز الألعاب المائية "ووتر كيوب" (أو مكعب الماء) الأسطح المائية له.
ويوقف العديد من الزوار سياراتهم في الطرق المحيطة بهذين الملعبين ، لالتقاط صور تذكارية لأنفسهم أمام الملعبين والتي عادة ما يتم التقاطها على بعد لا يقل عن 200 متر ، وأحيانا يمررون آلات التصوير الخاصة بهم بين السياج التي تسور الملعبين حتى لا تظهر خطوط هذه السياج في الصور.
ويتنزه بعض هؤلاء الزوار في سياراتهم مبدين إعجابهم بالتصميم المعماري لكل من الملعبين الأولمبيين ، فيما يسير آخرون على أقدامهم أو يقودون الدراجات حول المنطقة بأسرها بحثا عن أفضل الزوايا لالتقاط الصور.
وداخل السياج المحيطة بالملعبين ، يضيف العمال لمساتهم الأخيرة على المساحات الخضراء وأحواض الزهور ، فيما يعمل مئات الأفراد من الشرطة العسكرية في حراسة المكان.
وأقامت اللجنة المنظمة لأولمبياد بكين أول تجارب الأداء الأربع الخاصة بحفل الافتتاح في سرية شديدة باستاد "عشر الطير" في العاشر من تموز/يوليو الماضي.
وأوضحت شبكة التليفزيون القومية بالبلاد "تليفزيون الصين المركزي" أن قوات الشرطة المسلحة فرضت أطواق أمنية مشددة في ثلاثة مراكز حول الاستاد قبل وأثناء تجربة الأداء.
وقد وقع جميع العاملين والبستانيين بالموقع على اتفاقيات الحفاظ على السرية مع منظمي الأولمبياد.
وأكد مسئولو اللجنة الأولمبية الدولية أن الملاعب الأولمبية الصينية الرائعة من المرجح أن تصبح علامة مميزة عالميا بمجرد أن يراها مشاهدو التليفزيون في مختلف أنحاء العالم الذين يتوقع أن يصل عددهم إلى أربعة مليارات مشاهد على مدار الأولمبياد.
وفي ختام زيارته التقييمية الأخيرة التي قام بها إلى بكين قبل انطلاق الأولمبياد في نيسان/أبريل الماضي ، وصف منسق دورة الألعاب الأولمبية "بكين 2008" لدى اللجنة الأولمبية الدولية هاين فيربورجين الملعب الأولمبي الرئيسي بأنه "أيقونة حقيقية".
وقال فيربروجين في زيارة سابقة "سيكون هذا الملعب رمزا لمدينة بكين في المستقبل ، مثل دار الأوبرا بمدينة سيدني الأسترالية".
وصمم المهندسان المعماريان السويسريان الشهيران هيرتزوج ودو ميورون الاستاد الأولمبي ببكين ، الذي يسع 91 ألف متفرج ، بتكلفة مالية بلغت نحو 1ر3 مليار يوان صيني (450 مليون دولار).
ويأتي لقب "عش الطير" من التصميم الخارجي المبتكر للاستاد الذي يتكون من مئات الطبقات الفولاذية المتداخلة والمنحنية على شكل العش.
ويعتبر "عش الطير" واحدا من بين 12 ملعبا مؤقتا وثمانية دائمين تم بناؤهم جميعا خصيصا من أجل الدورة الأولمبية ، هذا بخلاف تجديد 11 ملعبا آخرا ليصل إجمالي الملاعب الجاهزة لاستضافة منافسات أولمبياد بكين إلى 31 ملعبا.
ووصل إجمالي العاملين في هذه المواقع إلى 30 ألف عامل.
ومن بين الملاعب الأخرى اللافتة للنظر في بكين هو مركز ملاعب التنس الأولمبي الذي تصل سعته الإجمالية إلى 400ر17 مقعد ويضم 16 ملعبا. ويوجد هذا المركز في أحد أركان المتنزه الأولمبي الذي سيتحول لاحقا إلى أكبر الأماكن المفتوحة بالعاصمة الصينية بعد الأولمبياد.
أما مجمع سباقات الدراجات "لاوشان فيلودروم" فيبدو مثل الطبق الطائر من الخارج ، ولكنه من الداخل مختلف تماما. وصمم سقفه ليشبه عجلة الدراجة.
وتستمد العديد من الملاعب الأولمبية الأخرى أفكار تصميماتها من الرياضات التي ستستضيف منافساتها ، مثل تأثيرات القوس والسهام الواضحة على البنية الداخلية والخارجية لساحة "شوتنج رينج" للرماية.
وفي ضاحية شونيي ، يستضيف متنزه سباقات التجديف والزوارق الأولمبية منافسات تضم 32 ميدالية ذهبية ، وهو أكبر عدد من المسابقات التي تجرى في مكان واحد بعد "عش الطير" ومركز الألعاب المائية. ويضم المتنزه منزلا عائما له سقف يشبه الموجة.
ويضم مركز "ووتر كيوب" ستة آلاف مقعد دائم و11 ألف مقعد مؤقت لمشاهدة منافسات السباحة والغطس وكرة الماء والسباحة التوقيعية في أولمبياد بكين.
وتمت تغطية تكاليف إنشاء هذا المركز والتي بلغت مليار يوان صيني (145 مليون دولار أمريكي) عن طريق تبرعات الصينيين المغتربين خارج البلاد.
وقد صنعت الأغشية الزرقاء التي تغطي أركان المركز ، والتي تضفى تأثيرا "وهميا مضاعفا" مميزا ، من مادة ايثلين-تترا-فلورو-ايثلين (إي.تي.إف.إي) وهى مادة يقول المصنعون إنها تتميز بخاصية التنظيف الذاتي.
ولم تفصح الحكومة الصينية عن إجمالي التكاليف التي تكبدتها في بناء الملاعب الدائمة والمؤقتة الخاصة بأولمبياد بكين ، ولكنها وعدت ألا تتجاوز التكلفة الإجمالية لعمليات التشغيل لمبلغ ال4ر2 مليار دولار الذي أنفقته اليونان على أولمبياد أثينا عام 2004 .
وتوجد المزيد من البنايات المذهلة في بكين بعيدا عن الملاعب الأولمبية.
ففي غرب ميدان تيانانمين ، توجد القبة المميزة المنخفضة للمسرح القومي الصيني ، الذي صممه المهندس المعماري الفرنسي بول أندرو ويضم بداخله أضخم قوس في العالم يمتد إلى 212 مترا تحت القبة التي تزن 6475 طنا.
ويضم مجمع المسرح القومي ، المعروف باسم "البيضة" ، ثلاث صالات عرض رئيسية ، وهي دار للأوبرا تضم 2400 مقعد وقاعة للحفلات الموسيقية الكبيرة تضم 2000 مقعد وصالة للعزف الموسيقي تتسع لألف مقعد.
ويعد هذا المسرح من المناطق المرشحة لأن تصبح رمزا لبكين في مطلع القرن الواحد والعشرين ، وينافسه في هذا الأمر صالة مطار بكين الجديدة والملعبان الأولمبيان الرئيسيان.
وعلى بعد عدة كيلومترات يوجد برج التليفزيون المركزي للصين الذي أكسبته جدرانه المبنية بزاوية وهيكله الملتوي الموصول عند القمة لقب "السروال".
ولكن العديد من الزوار الأجانب سيذهلون بكل تأكيد منذ لحظة وصولهم بكين عندما يرون صالة "3" في مطار العاصمة بكين.
فقد صمم المهندس المعماري نورمان فوستر أكبر صالة وصول بميناء جوي في العالم على شكل تنين وزودها بالأعمدة الصينية التقليدية الحمراء وبعض الزخارف المذهبة.